نوع القضية: طعن دستورية
المحكمة: المحكمة الدستورية العليا
تاريخ الحكم: 1 يونيه2019
اسماء القضاة:
حنفى على جبالى رئيس المحكمة
سعيد مرعى نائب رئيس المحكمة
رجب عبد الحكيم نائب رئيس المحكمة
حمدان حسن نائب رئيس المحكمة
حاتم بجاتو نائب رئيس المحكمة
عبد العزيز سلمان نائب رئيس المحكمة
طارق عبد الحليم نائب رئيس المحكمة
عماد البشرى رئيس هيئة المفوضين
الطعن رقم28 لسنة40 قضائية دستورية
الطاعن:
عادل قطب محمـد دياب
الصفة:
الخصم:
1- رئيس الجمهوريـة
2- رئيس مجلس الـوزراء
3- النائـب العـام
4- رئيس نيابة بندر دمنهور
الصفة: مطعون ضدهما
الطلبات:
وقف تنفيذ الحكم الصادر بإدانته فى القضية رقم 12275 لسنة 2012 جنح بندر دمنهور، المؤيد بالحكم الصادر فى القضية رقم 20831 لسنة 2016 جنح مستأنف دمنهور، والحكم الصـادر فى الطعـن بالنقض رقم 12509 لسنة 8 قضائية “جنح“. ثانيًّا: بعدم الاعتداد بالحكم المشار إليه، والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة فى الدعويين رقمى 8989 لسنة 12 قضائية و2196 لسنة 13 قضائية
النيابة العامة كانت قد أسندت للمدعى فى الجنحة رقم 12275 لسنة 2012 جنح بندر دمنهور، أنه فى يوم 4 /6 /2012، بدائرة بندر دمنهـور، قام باستئناف أعمال بناء سبق صدور قرار بإيقافها، بصب أعمدة وسقف الدور السادس العلوى بالعقار ملكه الكائن بتقسيم أرض الميرى، 15 شارع رضا الجويلى، وقدمته للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح بندر دمنهور، بطلب عقابه بالمواد (15، 22 /2، 22 مكرر /1، 23 /1، 24، 29) من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء. وبجلسة 25 /10 /2016، قضت المحكمة حضوريًّا اعتباريًّا، بمعاقبة المدعى بالحبس ستة أشهر مع الشغل، وتغريمه مثلى قيمة الأعمال المخالفة على النحو الوارد بتقرير الخبير، وإلزامه (1%) من قيمة هذه الأعمال عن كل يوم يمتنع فيه عن تنفيذ قرار الإزالة لأسبابه، وكفالة قدرها خمسون جنيهًا لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس مؤقتًا. لم يصادف هذا القضاء قبول المدعى، فطعن عليه بالاستئناف رقم 20831 لسنة 2016 جنح مستأنف دمنهور، وبجلسة 31 /1 /2017، قضت تلك المحكمة ببطلان الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بمعاقبة المتهم – المدعى – بالحبس ستة أشهر مع الشغل، وتغريمه مثلى قيمة الأعمال المخالفة بواقع مبلغ 57600 جنيه، وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم. وأسست المحكمة قضاءها على ارتكاب المتهم الجريمة المؤثمة بالمواد (38، 59 /1، 98، 103 /1، 3) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، وذلك على سند من أن “المتهم وإن كان قد تقدم للجهة الإدارية بطلب للحصول على ترخيص بالتعلية، إلا أنه لم يحصل عليه، كما أن إقامته دعوى أمام محكمة القضاء الإدارى – التى لم يُحكم فيهـا بعـد – بطلـب إلغـاء القـرار الإدارى السلبى بعـدم منحه ترخيص التعلية، لا يمنحه الحق فى إقامة دور فى عقاره دون ترخيص“. ولم يلق هذا الحكم قبول المدعى، فطعن عليه بطريق النقض، المقيد برقم 12509 لسنة 8 قضائية “جنح“، وقضت فيه محكمة استئناف القاهرة – فى غرفة مشورة – بجلسة 11 /11 /2017، بعدم قبول الطعن موضوعيًّا، ومن جانب آخر، كان المدعى قد أقام دعويين أمام محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة، أولاهما برقم 8989 لسنة 12 قضائية، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإدارة السلبى بالامتناع عن تسليمه ترخيص التعلية رقم 130 /1 لسنة 2011 /2012، بتعلية دور سادس علوى بالعقار ملكه سالف البيان، وما يترتب على ذلك من آثار. وثانيتهما برقم 2196 لسنة 13 قضائية، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإزالة رقم 245 لسنة 2013، الصادر بإزالة أعمدة الدور السادس علوى بالعقار ملكه، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعوى الثانية للدعوى الأولى، قضت بجلسة 25 /12 /2017، بقبول الدعويين شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما، وما يترتب عليهما من آثار. وأسسـت المحكمة قضائهـا على أسـباب حاصلها أنه إعمالاً لنصى المادتين (41، 42) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، فإن انقضاء المدة المحددة لإصدار ترخيص البناء دون بت جهة الإدارة فيه، يُعد بمثابة موافقة عليه. وبناءً على ذلك قضت المحكمة بإلغـاء القـرارات التى تتعارض مع اعتبار وجود ترخيص التعليـة قد صدر فعلاً بقوة القانون، وإذ ارتأى المدعى أن ثمة تناقضًا بين حكمى القضاء العادى والقضاء الإدارى المشار إليهما، فقد أقام دعواه المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى المُبدى من هيئة قضايا الدولة، لانتفاء التناقض بين حكمى جهة القضاء العادى والإدارى، لاختلاف موضوعهما، فإن من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن مناط قبـول الفصـل فى النزاع الذى يقـوم بشـأن تنفيذ حكمين نهائييـن متناقضين، والذى تنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه طبقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أى جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخـرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محـل واحـد، وحسما النزاع فى موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، على نحو يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فى هذا التناقض بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائى، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى النزاع، وأحقهما – تبعًا لذلك – بالتنفيـذ، فإذا كانا غيـر متحديـن محـلاً، أو مختلفيـن نطـاقًا، فلا تناقض، وكذلك كلما كان التعارض بينهما ظاهريًّا لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بينهما، ذلك أن الأصل فى النزاع حول التناقض بين الحكمين النهائيين، الذى يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، أن يكون هذا التناقض واقعًا فى مجال تنفيذهما، وهو ما يقتضى أن يكون تنفيذهما معًا متصادمًا ويتعذر التوفيق بينهما.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين – فى تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه – يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التى فصلا فيها. بيد أن وحدة الموضوع لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كما أن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها فى مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك النزاع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها – عندئذ – أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا من عدمه.
وحيث إن المسألة التى تمثل جوهر النزاع المطروح على جهتى القضاء العادى والإدارى، إنما تتحدد فيما إذا كانت أعمال البناء محل الاتهام الجنائى المردد أمام القضاء الجنائى التابع لجهة القضاء العادى، الصادر فى شأنها القرارين الإداريين المطعون عليهما أمام جهة القضاء الإدارى، قد ارتكنت إلى ترخيص من الجهة الإدارية المختصة من عدمه، وكان المدعى قد دفع أمام محكمة جنح مستأنف دمنهور، بإقامته الدعوى رقم 8989 لسنة 12 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة، طعنًا على قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص البناء رقم 130 /1 لسنة 2011 /2012، بتعلية الدور السادس العلوى بالعقار ملكه، رغم انقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم طلب الترخيص بها فى 27 /12 /2011، مستوفيًّا، بما يُعد معه عدم البت فى ذلك الطلب بمثابة موافقة على الترخيص بهذه الأعمال، وفقًا لنص المادة (42) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، ومع ذلك انتهى الحكم الجنائى إلى إدانة المدعى، ومعاقبته جنائيًّا، على سند من قيامه باستئناف أعمال بناء سبق صدور القرار رقم 1021 لسنة 2012 بتاريخ 10 /5 /2012، بإيقافها، للقيام بها بدون ترخيص، حال كون حكم محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة، فى الدعويين رقمى 8989 لسنة 12 قضائية، و2196 لسنة 13 قضائية، قد انتهى إلى إلغاء قرار جهة الإدارة بالامتناع عن تسليم المدعى رخصة بناء بتعلية دور سادس علوى بالعقار ملكه، وإلغاء قرار إزالة أعمال البناء التى تمت بذلك الدور، على سند من أن تلك الأعمال قد تمت بموجب ترخيص، إعمالاً لنص المـادة (42) من قانـون البناء الصـادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، لعدم بت جهة الإدارة فى الطلب المقدم من المدعى خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الطلب، والمقدم لها بتاريخ 27 /12 /2011، مستوفيًّا المستندات المطلوبة، بما مؤداه اتحاد المسألة جوهر النزاع المردد أمام كل من جهتى القضاء العادى والإدارى، وتناقض ما انتهى إليه الحكمان فى شأن هذه المسألة، بما يتعذر معه تنفيذهما معًا، الأمر الذى تتوافر معه شروط طلب فض التناقض فى تنفيذ هذين الحكمين المعقود لهذه المحكمة بموجب البند (ثالثًا) من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ومن ثم يضحى الدفع بعدم قبول الدعوى المُبدى من هيئة قضايا الدولة فى غير محله، ومفتقدًا لسنده القانونى السليم، حقيقًا بالرفض.
وحيث إن الفصل فى مشروعية قرار جهة الإدارة فى شأن الترخيص بأعمال البناء المشار إليها، والذى يمثل أساس المسئولية الجنائية عن الأفعال المقدم المدعى للمحاكمة الجنائية استنادًا لها، وجوهر النزاع المعروض على جهة القضاء الإدارى، ينعقد الاختصاص به لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها، إعمالاً لنص المادة (114) من قانون البناء المشار إليه، فيما نصت عليه من أن “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون على جميع القرارات الصادرة من الجهة الإدارية تطبيقًا لأحكام هذا القانون“، بما مؤداه أنه كان يتعين على محكمة الجنـح المستأنفـة تربص حكـم محكمة القضـاء الإدارى فـى تلك المسـألة الأولية، خاصة أن المادة (221) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن “تختص المحكمة الجنائية بالفصل فى جميع المسائل التى يتوقف عليها الحكم فى الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك“، وهو ما يجزم باختصاص جهة القضاء الإدارى بالفصل فى تلك المسألة الأولية، مما لزامه عدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف دمنهور، والحكم الصادر بجلسة 11 /11 /2017، فى الطعن بالنقض رقم 12509 لسنة 8 قضائية “طعون نقض جنح“، والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة السالف الذكر.
وحيث إنه عن طلب وقف التنفيذ، فمن المقرر فى قضاء هـذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين – أو كليهما – فـرع من أصـل النـزاع حـول فض التناقض بينهما، وإذ تهيـأ ذلك النزاع للفصـل فـى موضوعـه – على ما تقدم – فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاصه المقرر بنص المادة (32) من قانون هذه المحكمة يكون قد بات غير ذى موضوع.
منطوق الحكم:
حكمت المحكمة بالاعتداد بتنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة بجلسة 25 /12 /2017، فى الدعويين رقمى 8989 لسنة 12 قضائية، و2196 لسنة 13 قضائية، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف دمنهور بجلسة 31 /1 /2017، فى الدعوى رقم 20831 لسنة 2016، والحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، فى غرفة مشورة، بجلسة 11 /11 /2017، فى الطعن بالنقض رقم 12509 لسنة 8 قضائية “نقض جنح“.